السبت 18 مايو 2024 الموافق 10 ذو القعدة 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

والدة كريم شهيد الأهلي لـ"مصر تايمز": ابني كان بيحوش فلوسه علشان يشجع الأحمر.. مكنش بيفوت ماتش حتى لو هيسيب شغله.. قالي قبل رحلة بورسعيد "أخر مرة هسافر"..مش هينفع اسيب أخواتي في المدرج واجي أخر كلماته

الإثنين 01/فبراير/2021 - 01:18 م
كريم شهيد الاهلي
كريم شهيد الاهلي

"اللاعيبة الحقوا اللاعيبة".. كلمات قليلة ختم بها مجموعة من الشباب الأوفياء حياتهم القصيرة، وتركوا خلفهم أهالي يتألمون بأوجاع الفراق، وملايين الجماهير التى امتلأت قلوبهم بنار فقدان أصدقاء "التالتة شمال"، وألآف التساؤلات حول المسبب الحقيقي لهذا الحادث المروع الذى شهده ستاد بورسعيد الذى تحول من "حاضن للمتعة الكروية إلى تربة سُقيت بدماء 72 شهيدًا" من جماهير النادي الأهلي.

وبدأت الأحداث بمناوشات بين جماهير النادي الأهلي وجماهير المصري البورسعيدي على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنها وصلت إلى تهديدات بالقتل من جانب جماهير المصري، وظن الشباب الأحمر انها مجرد مناوشات عابرة.

ولكنهم لم يدركوا أنها ستكون المرة الأخيرة التى سيسافروا فيها وراء النسر الأحمر كما اعتادوا، كما أنها ستكون المرة الأخيرة التي يهتف فيها هؤلاء الشباب هتافهم المعهود "يوم ما أبطل أشجع هكون ميت أكيد".

وحرص "مصر تايمز" على التواصل مع والدة الشهيد "كريم عبدالله"، وأجرينا معها حوار مطول روت لنا فيه القليل عن الشاب الصغير الذى فقد في ريعان شبابه

حدثينا عن كريم؟

كريم كان طالبًا في السنة الرابعة بكلية سياحة وفنادق، وكان قد اقترب من الزواج بفتاة كان يحبها، وله أخ صغير غير شقيق، وكان يتيمًا، فوجد الأهلي ملجأ له وعيلة وكيان، وفضلت أن يلجأ للرياضة أفضل من أي شئ أخر.

كيف كانت طريقته في التشجيع؟

"كان بيروح ورا الأهلي في كل حتة"، وكان مشجعًا للأهلي في كرة السلة واليد وكل شئ، حتى سافر بورسعيد ومات وتوقف عن التشجيع، الأهلي كان حياته، وكان بيدخر كل أمواله لشراء تذاكر المباريات ولشراء قمصان الفريق.

يوم ماتش الأهلي.. كريم كان بيعمل إيه؟

"ماتش الأهلي عيد عند كريم" ، كان يقوم بتجهيز كل شيئ قبل المباراة سواء ملابس أو تذاكر المباراة،  كان يذهب للمباراة كأنه عريس، ويقضى ليلة المباراة يستمع لأغاني الأهلي.

ماذا يفعل عند فوز الأهلي أو خسارته؟

عند فوز الأهلي.. "فرحة الدنيا كلها بتكون فيه"، وإذا خسر الأهلي.. "بينكد علينا ووشه بيكون مقلوب"

موقف طريف مع كريم في مباريات الأهلي؟

تواصلت معه قبل إحدى المباريات بنصف ساعة، وكان في عمله، فظننت أنه لن يذهب للمباراة، وعندما تواصلت مع أحد أصدقاءه للاطمئنان عليه بعد حوالي ساعة أخبرني أنهم داخل المدرج، وقالت: "كريم مكنش ينفع يفوت ماتش للاهلي حتى لو هيسيب الشغل".

ماذا فعلتِ يوم مباراة الأهلي والزمالك في نهائي إفريقيا؟

شاهدت المباراة بمفردي، وإبنى الصغير كان نائمًا، وعندما أحرز محمد مجدي أفشة الهدف صرخت بصوت عالي، وابني استيقظ على صراخي، لأني تخيلت كريم في هذا الوقت.

هل أحد من النادي الأهلي يتواصل معكم؟

محمد زكريا سراج الدين عضو مجلس الإدارة هو المسؤول عن هذا الملف، وتواصل معي وأخبرني أن الذكرى في موعدها مثل عادتنا، نذهب لقراءة الفاتحة عند النصب التذكاري، ورأينا محمود الخطيب مرة واحدة، ولم نراه بعد ذلك لأنه في أغلب الأوقات كان مسافرًا.

هل أحد اللاعبين يتواصل معكم؟

ابوتريكة كان اكثر من يتواصل معنا وقت الحادث، لكن بعد سفره أصبح يتواصل بشكل نادر.

ماذا حدث بينك وبين كريم يوم مباراة الأهلي والمصري؟

قبل المباراة بحوالي يومين "اتخانقنا"، لأنه أراد أن يشترى "تيشرت الأهلي"، وأنا لم أوافق على سفره في هذه المباراة، ولكن والدتي هي من اقنعتني بصعوبة شديدة، وليلة المباراة كان يستمع لأغاني الأهلي بصوت مرتفع جدا حتى الصباح، وحذرته من السفر، وقال لي: "أخر مرة هسافر يا أمي ومش هسافر تاني"، وبالفعل كانت المرة الأخيرة.

هل تواصلتي مع كريم أثناء المباراة؟

تواصلت معه بين الشوطين، وقال لي: في حاجات غريبة بتحصل، وناس بتيجي عند المدرجات بتاعتنا وبيعملولنا حركات الدبح"، وقولتله تعالي ياكريم لأني قلقت، قال لي: "مش هينفع اسيب اخواتي في المدرج واجي". 

وتواصلت معه بعدما شاهدت ما حدث على التليفزيون، ورد شخص على الهاتف، وقال لي: "موتهولك ولو جيتي تاخديه هنموتك انتي كمان".

ماذا فعلتِ بعد ذلك؟

ابنى لم يُستدل عليه لأنهم سرقوا بطاقته، فبحثت عن ابني بين 72 جثة في المشرحة، ورأيت "شباب زي الورد" ماتوا بشكل بشع، واليوم كان صعبًا خاصة على أم تبحث عن ابنها بين الجثث.

رسالة لكريم

"وحشتني جدا، انت كنت راجلي لإني أرملة، كنت بكبرك عشان تكون أب لابني الصغير، ولو كنت عايش دلوقتي كان زماني عندي أحفاد، وهما حرموني أن يكون عندي أحفاد وخدوا مني راجلي، وبدل ما هو اللي يوصلني تربتي انا اللي وصلته بإيدي".

هل ابنك الصغير مشجعًا للأهلي مثل كريم؟ 

للأسف، ابنى الصغير اتعقد من الكرة بعد كريم، وبالرغم من امتلاكه موهبة كبيرة في الكرة إلا أنه رفض ممارسة كرم القدم، وقال لي: "انتي عايزاني اموت زي كريم".

ماذا كان شعورك عندما حُلت "رابطة التراس أهلاوي" ؟

على الرغم من أن الرابطة اتحلت باستشارة أهالي الشهداء، إلا أن الأمر كان صعبًا علينا، "لأن دي الحاجة اللي ولادنا حبوها، لكن احنا مش عايزين حد يموت تاني".

هل تريدين قول أي شئ؟

بطالب الناس أنهم يدعولهم لأنهم ماتوا غدر، وكانوا من أحسن الناس، منهم أطباء ومهندسين، "ولادنا مش بلطجية ولا جهلة، ورسالتلي للإعلام "ياريت نبطل نخفى المعلومات الحقيقية ونطلع الكلام الغلط للناس". 

موقف جعلك سعيدة بشأن كريم؟

من حوالي سنتين، أحد أقاربي توفى فذهبت إلى المقابر، "لقيت ابنى زي ما هو بلحمه ودمه كنت عايزة ازغرط لاني تأكدت أن ابني شهيد ودي حاجة بردت قلبي وخلتني مرتاحة".

ماذا تريدين في الوقت الحالي؟

بطالب بالقصاص لأن المحكوم عليهم بالإعدام، لم ينفذ الحكم عليهم حتى الآن، "عايزين نارنا تبرد".

ومازالت الأم تحتفظ بمقتنيات وملابس ابنها الشهيد منذ تسع سنوات وليومنا هذا، حتى أنها احتفظت بالـ"كوفية" التى حملت دمائه يوم حادثة بورسعيد