الإثنين 29 أبريل 2024 الموافق 20 شوال 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

قمة بروكسل..عودة قوية للطاقة النووية وسط انقسام أوروبي وفرنسا.. والرئيس الروماني :التغير المناخي يمثل "تحديا عالميا".. ونشطاء البيئة: الطاقة المتجددة لا تزال أساسية

الأحد 24/مارس/2024 - 04:37 م
 قمة الطاقة النووية
قمة الطاقة النووية في العاصمة البلجيكية بروكسل

لا تزال أوروبا منقسمة بشأن الطاقة النووية، في حين أعرب كثير من زعماء العالم خلال قمة الطاقة النووية التي عقدت في العاصمة البلجيكية بروكسل يوم الخميس الماضي عن دعمهم للطاقة النووية في سبيل تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

 

وظل الترويج للطاقة النووية من المحرمات على مدار فترة طويلة داخل الاتحاد، ولكن قمة الطاقة النووية، رفيعة المستوى، التي استضافتها بروكسل نهاية الأسبوع الماضي، وهي الأولى من نوعها، بعثت برسالة مفادها: الطاقة الذرية- التي يروج لها مناصروها الآن- مفتاح مكافحة تغير المناخ.

 

وتبنى زعماء 32 دولة، إضافة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، خلال القمة "إعلان الطاقة النووية". وبحسب ما ذكره بيان صحفي، أكد الموقعون على الإعلان "التزامهم القوي بالطاقة النووية كمكون جوهري لاستراتيجيتنا العالمية لخفض انبعاثات غازات الدفيئة".

 

وتنقسم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشأن المسألة النووية، حيث تقف مجموعة- تشمل ألمانيا وإسبانيا والنمسا ولوكسمبورج- ضد تطوير الطاقة النووية، في حين تدافع مجموعة أخرى- بينها فرنسا وفنلندا والمجر ورومانيا- عن إمكانات هذه التكنولوجيا.

 

ويقول مناصرو الطاقة النووية إنها ضرورية لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، بما يوافق أهداف الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالمناخ. ويشير المعارضون إلى مخاطر تتعلق بالسلامة، وإلى كارثتي تشرنوبل (أوكرانيا-أبريل 1986)، وفوكوشيما (اليابان-مارس 2011).

 

وتصدرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عناوين الصحف في عام 2021 عندما ذكرت أن الاتحاد الأوروبي يحتاج الطاقة النووية كـ "مصدر مستقر" للطاقة. وأدرجت المفوضية الطاقة النووية في قائمتها للاستثمارات الخضراء المستدامة.

 

وهناك مفاعلات نووية تعمل حاليا في 12 دولة من إجمالي الدول الأعضاء السبع والعشرين في الاتحاد الأوروبي، معظمها في فرنسا، حيث يجرى حاليا بناء مفاعل جديد. وتقيم سلوفاكيا محطة نووية جديدة، وتعتزم بولندا إعادة تشغيل برنامجها للطاقة النووية، وتخطط جمهورية التشيك لبناء مفاعلات جديدة.

 

فرنسا: نصيرة الطاقة النووية في الاتحاد الأوروبي

 

وكانت فرنسا حاسمة في مساعيها على مدار العامين الماضيين لإعادة الطاقة النووية لجدول أعمال الاتحاد الأوروبي. ويوجد في فرنسا 56 مفاعلا نوويا، من إجمالي 100 مفاعل في أنحاء الاتحاد الأوروبي. وإضافة إلى ذلك، أعلنت باريس في كانون الثاني/يناير الماضي نيتها بناء 8 محطات نووية جديدة، إضافة إلى 6 محطات أعلن عنها في وقت سابق، وشددت على الحاجة لمزيد من المفاعلات لتحقيق أهداف خفض الكربون.

 

كما أن فرنسا هي الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي تمتلك أسلحة نووية، بعد انسحاب المملكة المتحدة من التكتل في 2020.

 

وأعلنت وزارة الدفاع الفرنسية مؤخرا عزمها تخصيب مادة تحتوي على الليثيوم بمفاعلين في محطة بمنطقة سيفوكس، في وسط البلاد، بهدف استخراج التريتيوم، وهو نظير الهيدروجين المشع المستخدم في الأسلحة النووية.

 

وبحلول أوائل عام 2023، كانت فرنسا تتزعم جهود إطلاق "تحالف نووي" يضم أكثر من عشر دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، بينها بولندا وبلغاريا وفنلندا وهولندا، من أجل التأثير على سياسة تطوير الطاقة النووية في التكتل.

 

ووقعت فرنسا وبلغاريا في فبراير الماضي، اتفاقية يمكن بمقتضاها للشركات في البلدين المشاركة في صيانة محطات الطاقة القائمة والمشاريع الجديدة.

 

وكانت بلغاريا وقعت في يناير الماضي اتفاقية مع الولايات المتحدة للتعاون في مشروع نووي لتوسيع محطة كوزلودوي النووية البلغارية.


كما أن الشركة الفرنسية للكهرباء "إي دي إف"، ضمن أصحاب العروض لبناء مفاعل نووي جديد في دوكوفاني، بجمهورية التشيك، إضافة إلى شركة "كيه إتش إن بي" الكورية الجنوبية.

 

تزايد الطموحات النووية الأوروبية

وقال الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس أمام قمة بروكسل يوم الخميس الماضي إن بلاده تسعى إلى أن تصبح رائدة في مجال الطاقة النووية على المستوى الإقليمي. وشدد على أن التغير المناخي يمثل "تحديا عالميا"، يتطلب تحركات منسقة وإجراءات تتسم بالطموح.

 

وقال الرئيس الصربي الكسندر فوتشيتش خلال القمة إن بلاده - المجاورة لرومانيا- لا تملك خبرة في مجال الطاقة النووية، كما تفتقر للخبراء، مضيفا أن بلجراد مهتمة بأن يكون لديها، على الأقل، أربعة مفاعلات نموذجية صغيرة، وأشار إلى أنها ستكون بحاجة لدعم مالي من الدول الأعضاء الرائدة في الاتحاد الأوروبي.

 

أما في سلوفينيا، فتوجد منذ عام 1983 محطة نووية عاملة في كرشكو، بالقرب من حدود كرواتيا، توفر حوالي 40% من الطاقة الكهربائية التي تنتجها البلاد، ويذهب نصف الإنتاج إلى كرواتيا، حيث إنها مشاركة في ملكية المحطة. ومن المتوقع أن يصوت مواطنو سلوفينيا في استفتاء خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، على إقامة محطة أخرى للطاقة النووية في كرشكو.

 

ولدى السويد حاليا ستة مفاعلات نووية عاملة، جرى بناؤها جميعا في ثمانينيات القرن العشرين، كما تم إغلاق ستة مفاعلات قديمة خلال الفترة بين عامي 1999 و2020.

 

وكانت السويد قد قررت يوما ما التخلص تدريجيا من الطاقة النووية إثر استفتاء غير ملزم جرى في عام 1979، ولكن الحكومة اليمينية الحالية تعتزم بناء مفاعلات جديدة، حيث أصبحت الطاقة النووية تتمتع بشعبية أكبر في البلاد.

 

 نشطاء البيئة :الطاقة المتجددة لا تزال أساسية.

ورغم اهتمام الاتحاد الأوروبي بالطاقة النووية، تتواصل المواجهة بين باريس وبروكسل بشأن إحلال الطاقة النووية محل مصادر الطاقة المتجددة ولم تفلح فرنسا في تحقيق أهداف الطاقة المتجددة للاتحاد الأوروبي في عام 2020، لكنها ترفض تعويض ذلك، وتقول إن بصمتها الكربونية منخفضة بما يكفي بسبب الطاقة النووية.

 

ويرفض العديد من نشطاء البيئة موقف فرنسا - كما هو الحال بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي، والتي تشمل أيضا إسبانيا والنمسا وألمانيا ولوكسمبورج، والتي تشكل مجتمعة تحالف "أصدقاء الطاقة المتجددة" داخل التكتل.

 

ورفض المستشار الألماني أولاف شولتس دعوات العودة إلى الطاقة النووية في بلاده، بعد إغلاق آخر مفاعلات هناك في أبريل عام 2023.

 

وأشار شولتس إلى التكاليف الباهظة وعمليات الإنشاء التي تستغرق فترات طويلة، وقال إن تكلفة الكهرباء التي تنتجها محطات الطاقة النووية تتجاوز عدة مرات تكاليف الكهرباء المولدة من طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية أو المصادر الأخرى.