الأحد 28 أبريل 2024 الموافق 19 شوال 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

ما سر اختفاء السكر من الأسواق قبل رمضان؟.. الشعبة: المضاربات السبب وراء الأزمة وسيحدث انفراجة قريبا.. خبير اقتصادى: تلاعب أصحاب مصانع التعبئة والتجار أحد أسباب الاختفاء

الإثنين 19/فبراير/2024 - 01:52 م
صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

طوابير طويلة من المواطنين ممتدة وزحام شديد أمام المجمعات الاستهلاكية وفى معارض "أهلا رمضان" فى انتظار الحصول على كيس سكر، ظهرت مؤخرا فى الشارع المصرى إثر اختفاء السكر الحر من الأسواق، فغالبية المحلات لا يوجد بها سكر حر وإن وجد فى محل ما يتخطى سعر الكيس أقل من كيلو 55 جنيها.

 

اتهامات كثيرة متبادلة ما بين التجار والقطاع الخاص والمسؤلين على التوزيع ووزارة التموين  حول السبب الرئيس وراء الأزمة ونقص السكر من الأسواق، تعددت أسباب اختفاء السكر والنتيجة واحدة وهى عدم قدرة المواطن على الحصول على كيس سكر مع اقتراب شهر رمضان، ولفه على المحلات التجارية للبحث عن كيس سكر وكأنه أصبح صعب المنال.

 

ومنذ أيام تقدّم النائب خالد أبو نحول عضو مجلس النواب بطلب إحاطة إلى المستشار حنفي جبالي رئيس مجلس النواب، موجه إلى رئيس مجلس الوزراء ووزيري الزراعة والتموين، بشأن اختفاء السكر من المحال التجارية وعودة أزمة طوابير السكر في المجمعات..

 

وطالب وزير التموين بضرورة ضخ كميات سكر طبيعية مثل ما قبل 2023، مناشدا المسئولين بإنهاء تلك الأزمة في أقرب وقت وقبل حلول شهر رمضان، وإيضاح أسباب اختفاء سكر المبادرة من السلاسل التجارية الكبرى والمحال التجارية بالمناطق الشعبية عدم توافر السكر الحر في جميع منافذها، وذلك على مستوى جميع محافظات مصر.

 

كافة الشواهد المحيطة بنا تؤكد على وجود أزمة فعلية فى السكر، لكن ما السبب فى حدوثها وهل سيحدث إنفراجة كبيرة فى الأسواق الفترة المقبلة، هذا ما ستوضحه السطور التالية.

 

" مصر تايمز"  تواصلت مع عدد من التجار وأصحاب المحلات التجارية الذين أكدوا وجود أزمة حقيقية فى السكر، حيث لا يتوفر السكر الحر فى الأسواق، ولا يوجد غير السكر الموجود على البطاقات التموينية.

 

سرقة سكر التموين

 

ويؤكد (هـ.ع ) صاحب سوبر ماركت كبير بالقاهرة- رفض ذكر اسمه- أنه لا يوجد سكر حر فى الأسواق وإن وجد يكون الكيس أقل من كيلوجرام  ويُباع بسعر 60 جنيها، مشيرا إلى أن غياب الرقابة له دور كبير فى اختفاء السكر وأيضا سيؤدى إلىى تفاقم الأزمة بشكل أكبر.

 

ويضيف لـ"مصر تايمز": سكر التموين متاح حاليا لكن يتم سرقته من جانب مسؤلين كبار فى التموين وليس بائعى التموين، من المفترض أن يكون للفرد 2 كيلو سكر كيلو تموين بسعر 12.75 جنيه وكيلو سكر حر بسعر 27 جنيه، ما يحدث أنهم يقولوا للمواطنين لا يوجد سكر حر فى التموين ويحلفوا، فى حين أنهم يأخذوا السكر إلى المخازن ثم يتم إعادة تعبئته مرة ثانية فى أكياس أخرى وباسم شركة مختلفة على أن يزن الكيس 900 جرام فقط".

 

ويتابع صاحب السوبر ماركت قائلا" هناك أماكن مخصصة يتم فيها إعادة التعبئة والتغليف حيث يوجد عمالة ومعدات للقيام بذلك، وبعد الانتهاء من التعبئة يقوم كبار التجار بتوزيع هذا السكر على المحلات التجارية فى المنطقة الخاصة بهم بسعر 45 جنيه للكيلو، على أن يُباع للمستهلك بسعر 50 إلى 60 جنيها".

 

زيادة الضغط على سكر التموين

 

وبدوره يقول محمد أحمد ،تاجر تموين،" لا يوجد أية مشكلة فى سكر التموين حاليا فلكل فرد 2 كيلو سكر، كيلو سكر تموينى بسعر 12.75 جنيه وكيلو سكر حر بسعر 27.5 جنيها، هذا الشهر لم يكن هناك أية مشكلة فى السكر، لكن مع اختفاء السكر الحر من الأسواق أدى إلى زيادة الضغط على طلب السكر التموينى وحدوث زحام شديد وظهور طوابير ممتدة".

 

 ويضيف لـ" مصر تايمز" : فى المحلات المحيطة بنا يصل سعر الكيس السكر الحر  900 جرام من 50 إلى 55 جنيها، المواطن يكون معه الأموال ولا يمكنه الحصول على كيس سكر، السكر مختفى فعلا من الأسواق وغير متواجد، الأزمة كبيرة وبخاصة مع اقتراب شهر رمضان".

 

"مصر تايمز" حاولت التواصل مع وزارة التموين للوقوف على الأزمة ومتى ستنتهى ومعرفة أسبابها لكن لم يجب أحد عن التساؤلات.

 

المضاربات سبب الأزمة

 

وحول هذا الأمر يقول حسن الفندى، رئيس شعبة السكر والحلوى بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات،" من المفترض أنه يتوفر سكر فى الأسواق خاصة مع إعلان وزراة التموين الفترة الماضية عن استيراد كميات كبيرة من السكر، إذ  تنتج مصر سنويا نحو 2.8 مليون طن سكر، فى حين أن حجم الاستهلاك يبلغ 3.2 مليون طن أى تستورد نحو 10% فقط".

 

ويضيف لـ" مصر تايمز": مصر دائما ما تسد الفجوة ما بين إنتاج السكر والاستهلاك، حيث تقوم هيئة السلع التموينية التابعة لوزارة التموين سنويا باستيراد هذه الكميات من الخارج على هيئة سكر خام على أن تقوم المصانع بتكريره، وتوزيعه فى الأسواق".

 

ويتابع الفندى قائلا " للمضاربين عامل كبير جدا فى اختفاء السكر من الأسواق حيث يضعوا أيديهم على كميات كبيرة من السكر ثم يقوموا بطرحها مرة ثانية فى الأسواق"، مناشدا المواطنين بعدم القلق والخوف من غياب السكر من الأسواق الفترة المقبلة، موضحا أن موسم إنتاج قصب السكر بدأ منذ شهر ديسمبر الماضى وما زال مستمرا ويتجه هذا الإنتاج إلى سكر التموين وأيضا بنجر السكر سيتم حصاده فى بداية مارس المقبل وبالتالى ستتوفر كميات كبيرة من السكر فى الأسواق.

 

أزمة السكر حقيقية 

 

ومن جانبه يقول إلهامي الميرغنى، الخبير الاقتصادى،" أزمة السكر ليست وليدة الشهور الأخيرة ولكنها جزء من مخطط لضرب زراعة وصناعة السكر لصالح المستوردين،  ويرجع سبب اختفاء السكر إلى تلاعب أصحاب مصانع التعبئة والتجار في تداول السكر والتحكم في كميات المعروض، وهذا ما أدي إلي إختفائه وارتفاع أسعاره وظهور هذه الأزمة".

 

ويضيف لـ" مصر تايمز": حقيقة الأمر أن هذه الأزمة ليست مفتعلة وخاصة مع اقتراب شهر رمضان كما يُشاع، ولكن أزمة السكر جزء من طريقة إدارة السوق المصري الذي يتحكم به المستوردون وكبار التجار في ظل غياب الرقابة وانفلات الأسواق وتقلص مساحات زراعة قصب السكر، إضافة إلي الفساد الذي رأينا مظاهره الواضحة في قيادات وزارة التموين وقيادات المجمعات الاستهلاكية الشهور الماضية".

 

ويؤكد الميرغنى أن المضاربات هى سبب من أسباب الأزمة ولكنها ليست السبب الوحيد؛ لأن هناك تراجع فى الإنتاج والاعتماد علي الاستيراد وتحكم الاحتكارات والمضاربات، موضحا أن السوق المفتوح يعمل بلا رقابة حقيقية إلى جانب أن وزارة التموين ليس لديها العدد الكافى من مفتشى التموين ولا يوجد لديها الردع الكافى للتلاعب بالسلع الاستراتيجية.

 

تلاعب التجار

 

ويشير إلى أنه بالرغم من أن رئيس الوزراء قد أصدر قرارا باعتبار السكر سلعة استيراتيجية، لكن هذا القرار لم يُوقِف تلاعب التجار وسلاسل الفساد والإفساد من التحكم فى الأسعار وإخفاء السكر وندرة المعروض.

 

ويوضح الخبير الاقتصادى أنه توجد فترة ما بين حصاد قصب السكر وبين توريده للشركة ثم تصنيعه وتكريره وهي عملية قد تمتد إلي شهر إبريل المقبل، ولذا أعلنت الدولة عن استيراد كميات من السكر لتغطية احتياجات المواطنين خلال شهر رمضان، لافتا إلى أن الفترة القادمة ستؤكد مدي نجاح أو فشل هذه السياسة ، مؤكدا أن الأهم هو كيف توضع قواعد لضمان عدم تكرار حدوث الأزمة مرة أخري.

 

ويتابع قائلا" يمكن القول أنه أصبح لدى مصر فجوة في الإنتاج حيث لا يكفى إنتاج القصب والبنجراحتياجات مصر، في قلب الاستعدادات لحرب أكتوبر وفي عام 1972 كانت مصر تحقق 118% إكتفاء ذاتي من السكر وهو ما تحول بعد ذلك إلي فجوة وصلت 55.4% سنة 1980 وهي كارثة كبري".

 

ويختتم ميرغنى حديثه قائلا" تواكب مع ذلك الهجوم علي قصب السكر أحد أقدم المحاصيل في مصر والذي تملك فيه مصر خبرة صناعية تزيد علي 155 سنة وخطوط سكك حديدية في محافظات الصعيد المنتجة للقص،  وبدأت المؤامرة بأن قصب السكر يستهلك مياه كثيرة ويمكث في الأرض فترة طويلة ويُفضل وقف زراعته والتوجه للبنجر كبديل".