الجمعة 17 مايو 2024 الموافق 09 ذو القعدة 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

بدء الحديث عن “ما بعد نتنياهو”.. . الإعلام العبري: رئيس وزراء الاحتلال بأسوأ حالاته داخلياً وخارجياً بسبب الحرب في غزة.. وحكومة الحرب في ورطة.. وتشكيل الحكومة الإسرائيلية أبرز الخطوات القادمة

السبت 20/يناير/2024 - 10:56 ص
الخلافات داخل الحكومة
الخلافات داخل الحكومة الإسرائيلية

دخل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في معارك على جبهات عدة، محلية وخارجية، وعلى المستوى السياسي والعسكري، علاوة على خلافاته مع المعارضة السياسية، بسبب ما عُرف باسم "الثورة القانونية"، وعلاقته المتدهورة مع الإدارة الأمريكية.

 

هذا الأمر أثار حديثاً في وسائل الإعلام الإسرائيلية والأمريكية عن "ما بعد نتنياهو"، بعد أن كان الأخير يناقش طويلاً منذ بداية الحرب "ما بعد حماس"، ليجد نفسه في خطر فقد حلفائه داخل الحكومة، وفي الخارج، تدريجياً.

 

معارك نتنياهو وصفتها صحف عبرية بـ"معارك بقاء"، إن كان على مستوى الحفاظ على موقعه رئيساً للوزراء، أو الحفاظ على وضعه الشخصي بسبب الملاحقات القانونية التي يمكن أن تودي به إلى السجن.

 

جاءت معركة "طوفان الأقصى"، لتزيد من العبء على نتنياهو، للتحول إلى تهديد مباشر لمكانته الخاصة، بعد الإخفاقات التي عانت منها "إسرائيل" تحت قيادته أمام المقاومة الفلسطينية. 

 

المواجهة مع المستوى العسكري 


جاء الخلاف بين نتنياهو والمستوى العسكري في نقاط عدة، منها بحثه عن طريقة للتنصل من مسؤولية "الفشل"، في 7 أكتوبر، وهو الوصف الذي تكَّرر في تغطية الإعلام العبري.

 

ما إن أعلن رئيس الأركان، هرتسي هليفي، عن تشكيل لجنة تحقيق فنية بما حصل في 7 أكتوبر، حتى ثار غضب نتنياهو، الذي وجد في ذلك بوابةً لتشكيل لجان تحقيق قضائية قد تطاله في وقت مبكر، لذلك حرَّض عدداً من الوزراء لتوجيه الهجمات، وتحقير وإهانة رئيس الأركان في اجتماعات الحكومة، بدون أن يتدخل شخصياً في هذه المعركة، بحسب "القناة 13" العبرية.

 

لم يكن ذلك الخلاف الوحيد مع قيادة الجيش، بل امتدَّ إلى استراتيجية الحرب نفسها، إذ يرفض نتنياهو تحديد معالم الأهداف السياسية للمعركة، مكتفياً بالدعوة إلى استمرار الحرب ما دامت حماس موجودة في غزة، دون رؤية سياسية لليوم التالي للحرب، وهذا يتناقض مع موقف رئيس الأركان هرتسي هليفي.

 

الخلافات داخل الحكومة الإسرائيلية تعزز بدء الحديث عن سيناريو ما بعد نتنياهو

 

إذ نشرت محررة الشؤون السياسية في “القناة 13”، موريا أشرف، تقريراً عن تحذير رئيس الأركان، الذي قال فيه بصراحة: "نحن نواجه تآكل الإنجازات التي حققناها حتى الآن في الحرب، لأنه لم يتم بناء استراتيجية لليوم التالي".

 

أضاف رئيس الأركان في مناقشات عدة في الأسابيع الأخيرة: "من الممكن أن نضطر إلى العودة والعمل في المناطق التي انتهينا فيها من القتال بالفعل".

 

علقت على ذلك المحررة الإسرائيلية بالقول إن "هذا التحذير جاء على خلفية مماطلة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في وضع خطة لليوم التالي للحرب، من بين أمور أخرى، لأسباب سياسية، والخوف من عدم تمريرها سياسياً داخل الحكومة، ولذلك فإن الخلاف امتدَّ ليطال مجلس وزراء الحرب".

 
خلافات داخل حكومة الحرب
 

أشار المحلل السياسي في "القناة 12" يارون أبرهام، إلى أن "الخلافات داخل مجلس وزراء الحرب، جاءت على خلفية مطالب لضمان النجاح في الحرب في غزة، خاصةً ما يُعرف باليوم التالي لها، كذلك مسألة الأسرى لدى حماس".

 

أوضح أنه "في الأيام الأخيرة سلّم الوزير بيني غانتس، قائمةَ مطالب إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التي تتضمن 7 نقاط حاسمة لاستمرار الحرب، التي يريد مناقشتها والتوصل إلى قرار فيها". 

 

بحسب غانتس، امتنع نتنياهو عن مناقشة هذه القضايا لأسباب سياسية، "رغم أن القرارات ضرورية لسير القتال، ولسير الأمور على الجبهة الداخلية، ولتشكيل الواقع في القطاع بعد الحرب"، وفق ما نقله أبرهام.

 

تتضمن قائمة غانتس السؤال المتعلق بمعبر رفح ومحور فيلادلفيا، والالتزام بأهداف الحرب بشكل عام، والتساؤل عما إذا كان من الضروري إعادة تعريفها، خاصةً في مسألة أولوية الإفراج عن الأسرى، والتخطيط لـ"اليوم التالي" الذي لم يكتمل بعد، ومسألة عدم عودة سكان غلاف غزة حتى الآن، وكذلك مشكلة تأمين الجبهة الشمالية مع لبنان.

 

علق على ذلك المحلل السياسي أبرهام، بأن "بعض القضايا لم تتم مناقشتها على الإطلاق، وبعضها تمت مناقشتها بشكل سطحي، وجميعها ليست في مراحل القرار، الأمر الذي دفع بيني غانتس وغادي آيزنكوت إلى اتخاذ قرارات بشأن هذه القضايا، لينضما إلى تحذيرات رئيس الأركان هرتسي هاليفي ووزير الجيش يوآف غالانت، التي بموجبها ستبدو إنجازات الحرب مختلفة إذا لم يتم المضي قدماً في القرارات السياسية".

 

مجلس الحرب يعاني من التفكك وحديث أمريكي عن ما بعد نتنياهو - رويترز
مجلس الحرب يعاني من التفكك وحديث أمريكي عن ما بعد نتنياهو 

 

 

دخلت الخلافات إلى تفاصيل الميدان وإدارة المواجهة مع حماس، خاصةً مع وزير الجيش غالانت، إذ أشارت تقارير إلى أن نتنياهو منع كلاً من رئيس الشاباك ورئيس الموساد من الاجتماع بوزير الجيش إلا بإذن منه، وكذلك اتجه إلى اتخاذ خطوات ميدانية بعيداً عن غالانت وحتى رئيس الأركان.

 

كشفت كذلك صفقة إدخال الأدوية إلى غزة مدى الانقسام الداخلي بين رئيس الوزراء من جهة، ووزير الجيش ورئيس الأركان من جهة أخرى. 

 

أكد أيضاً يارون أبرهام أنه "تم استبعاد وزير الجيش يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي ورئيس الشاباك، من القرار المتعلق بإجراءات نقل الأدوية إلى قطاع غزة، ولم يتم إبلاغهم بذلك إلا مساء الجمعة، بعد الإعلان الرسمي من مكتب رئيس الوزراء".

 

وأشار إلى أن التوصل لاتفاق إدخال الأدوية تم عبر مكتب رئيس الوزراء ورئيس الموساد بدون علم وزير الجيش، على عكس ما هو متفق عليه في المجلس الوزراء الحربي، ما أثار حفيظة غالانت، ودفع مكتب نتنياهو لتبرير الموقف، بحسب ما نقلته "القناة12 ".

 

أوضحت القناة أن المحيطين بنتنياهو اعترفوا بوجود "أخطاء في التواصل"، لكنهم أوضحوا أنه لم يتم فعل أي شيء بشكل غير صحيح، وأنه لم يكن الهدف من ذلك كما يفسر البعض، أنه محاولة من نتنياهو للحصول على الدعم الشعبي.

 

يرى نحوم برنيع، في بودكاست موقع "يديعوت أحرونوت"، أن حكومة الحرب أصبحت مشلولة، بسبب التناقضات الداخلية في هذا المجلس، موضحاً أن رئيس الوزراء لا يثق بوزير الجيش، ووزير الجيش لا يثق به، ويحاول نتنياهو أن يصوّر غالانت كشخص غير مهم، وأنه هو الذي يدير الحرب. 

 

في حين أن غالانت يفعل العكس، ليثبت أنه الشخص الأساسي والفاعل في إدارة الحرب، وسط الخلاف حول الأولويات داخل الحكومة الحربية، ومسألة الذهاب إلى صفقة لتبادل الأسرى، إذ يصر غانتس وآيزنكوت على ضرورة الذهاب إلى صفقة، في حين أن نتنياهو يماطل في ذلك، ما حوّل الحكومة إلى حكومة مشلولة، بحسب برنيع.

 

حكومة معرضة للسقوط


من جهته، قدّم الوزير آيزنكوت في مقابلة في برنامج "عوفدا" التلفزيوني، في ظهور له لأول مرة بعد مقتل ابنه غال، مع الصحفية إيلانا ديان، عبر "القناة 12"، صورةً قاتمة لموقف نتنياهو، الذي اعتبر أنه يبحث فقط عن مصالحه الشخصية.

 

دعا آيزنكوت إلى "ضرورة أن يكون هناك خط فاصل لمواجهة نتنياهو، وضرورة اتخاذ القرارات المصيرية التي يتهرب منها"، محذراً من أنه قد يذهب إلى تفكيك الشراكة الحالية، سواء مع شريكه بيني غانتس أو بدونه، إذا لم يتحقق تقدم في ملف الأسرى لدى حماس، ما يعني إمكانية الذهاب إلى انتخابات تشريعية وانتهاء حكومة نتنياهو.

 

أكدت المحللة السياسية لموقع "واللا العبري "، تال شيلو، أن نتنياهو يرفض منذ أسابيع الاستجابة للضغوط، والمطالبات بالإسراع في اتخاذ القرارات الصعبة، بل لا يفعل سوى التصلّب في الموقف، وتبني المواقف اليمينية، وإطلاق التصريحات السياسية المتشددة، سواء في ملف الأسرى، أو التعاطي مع المطالب الأمريكية بخصوص استراتيجية إدارة الحرب.

 

الخلاف مع بايدن

 

على الصعيد الخارجي، أشارت صحيفة "معاريف" إلى أن العلاقة بين نتنياهو والرئيس الأمريكي جو بايدن كانت أشبه بالحرب الباردة بينهما. 

 

أشارت الصحيفة نقلاً عن مصادر أمريكية، أن المواقف المتعارضة بين نتنياهو وبايدن كانت تتمحور حول مسألة اليوم التالي للحرب في غزة، ومسألة تحويل أموال السلطة الفلسطينية، وما زاد الغضب الأمريكي هو إعلان نتنياهو رفضه للدولة الفلسطينية، ودعوة واشنطن إلى خفض عدد الضحايا المدنيين من الفلسطينيين في غزة. 

 

قدَّرت الصحيفة أن التوتر بين الطرفين آخذٌ بالاتساع، خاصةً في ظل الضغوط التي يتعرَّض لها الرئيس بايدن داخل حزبه، مشيرة إلى أن "هناك دعوات من أعضاء الكونجرس من الحزب الديمقراطي، لتصعيد الضغط على نتنياهو، لإجباره على خفض الخسائر في أوساط المدنيين، حتى لو أدى ذلك إلى خلق توتر مع إسرائيل". 

 

إدارة بايدن بدأت تناقش ما بعد نتنياهو بحسب مصادر أمريكية - رويترز

إدارة بايدن بدأت تناقش ما بعد نتنياهو بحسب مصادر أمريكية 

 

4 أسابيع من القطيعة مع الإدارة الأمريكية


مواقف نتنياهو من المطالب الأمريكية أدت إلى قطيعة مع الإدارة الأمريكية، وصلت إلى توقف الاتصالات المباشرة بين نتنياهو والرئيس بايدن، لمدة تزيد عن 4 أسابيع. 

 

لذلك جاءت المحادثة الأخيرة  ، في  أمس الجمعه 19 يناير، بين نتنياهو وبايدن، بحسب ما نقلته قناة كان العبرية ، عن مراسلها في واشنطن نتان كودمن، بأن المحادثات استمرت 40 دقيقة، تمحورت حول مستقبل الحرب في غزة.

 

أشارت التقارير من مكتب نتنياهو إلى أن المحادثة كانت "جيدة"، في حين تحدثت المصادر الأمريكية بأن الرئيس بايدن محبط من إدارة نتنياهو للحرب، ومن عدم وضع خطة للتعامل مع مستقبل غزة لليوم التالي لنهاية الحرب، وأنه غير راضٍ كذلك عن طريقة تعامل نتنياهو في ملف الأسرى لدى حركة حماس.

 

"ما بعد نتنياهو"

 

أوضحت الكاتبة في صحيفة "معاريف"، أنا براسكي، أن الخلافات بين إدارة بايدين ونتنياهو كانت تسبق الحرب، إذ أبدت الإدارة الأمريكية سابقاً قلقها من تركيبة الحكومة الحالية في إسرائيل. 

 

ازداد الأمر مع تصاعُد الحرب على غزة، ورفض نتنياهو الأخذ بالنصائح الأمريكية بخصوص الحرب، لكن ما زاد من غضب الإدارة الأمريكية على نتنياهو وحكومته، ما نقل عن مصادر أمريكية، أن إدارة بايدن باتت تبحث بسبب ذلك ما بعد نتنياهو، بحسب براسكي. 

 

وقالت إن "توجه الإدارة الأمريكية بشأن حكومة نتنياهو يأتي في محاولة لتحقيق أهدافها في المنطقة، وأنها في هذا الإطار تحاول إنشاء بنية تحتية جديدة مع زعماء آخرين في إسرائيل، نحو حكومة سيتم تشكيلها بدون نتنياهو".

 

نقلت كذلك شبكة "إن بي سي" عن مسؤولين أمريكيين، أن إدارة بايدن "تتطلع إلى ما بعد نتنياهو لتحقيق أهدافها في المنطقة"، وأنها تحاول وضع الأساس مع قادة إسرائيليين آخرين تحضيراً لتشكيل حكومة ما بعد نتنياهو.

 

سبق أن أفاد موقع "أكسيوس" الأمريكي، بأن بايدن أغلق الهاتف بوجه نتنياهو خلال آخر مكالمة بينهما قبل القطيعة الطويلة، في 23 ديسمبر 2023، في دليل على توسع الخلاف بينهما فيما يتعلق بحرب غزة.

 

وقال بايدن في تصريح سابق ، إن "إسرائيل بدأت تفقد الدعم العالمي"، بسبب القصف العشوائي لغزة.

 

أشارت صحيفة "هآرتس " كذلك إلى أهمية النظر في الموقف الأمريكي، مؤكدةً أن إدارة بايدن باتت تناقش ما بعد نتنياهو.

 

"ما بعد نتنياهو" بدأ في نقاشه حزب العمل الإسرائيلي اليساري، الذي أعلن مساء الأربعاء الماضي ، أنه سيقدم اقتراحاً للكنيست لسحب الثقة من حكومة نتنياهو، "بسبب فشلها في استعادة الرهائن في غزة".

 

في مؤتمر صحفي في تل أبيب، الخميس، رفض نتنياهو أي دعوات لإجراء انتخابات مبكرة، المقرر إجراؤها حالياً في عام 2026.

 

بحسب صحيفة "معاريف" أظهر استطلاع للرأي أُجري مؤخراً، أنه سيزيد حزب الوحدة الوطنية، بقيادة غانتس، مقاعده ثلاث مرات عن مقاعده الحالية، البالغ عددها 12 مقعداً في حال إجراء انتخابات، مع حصول المعارضة على إجمالي 71 مقعداً مقابل 44 مقعداً للأحزاب المؤيدة للحكومة.

 

يشار إلى أن الائتلاف الداعم لنتنياهو يضم حزب الليكود الذي يتزعمه، بالإضافة إلى أحزاب: شاس، ويهدوت هتوراة، والقوة اليهودية، والصهيونية الدينية.

 

تشمل الأحزاب المعارضة لحكومة نتنياهو حزب الوحدة، وهناك مستقبل بزعامة يائير لابيد، وإسرائيل بيتنا بزعامة أفيغدور ليبرمان، وميرتس، والقائمة العربية الموحدة.

 

يتطلب تشكيل الحكومة الإسرائيلية الحصول على ثقة 61 عضواً في الكنيست على الأقل.

 

هذه الخلافات التي تطوّق نتنياهو تشكل أهم التحديات التي يواجهها فيما يتعلق بالحرب، إلى جانب البحث عن صورة النصر في غزة.