الإثنين 29 أبريل 2024 الموافق 20 شوال 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
مقالات الرأى

أركان حرب نادية لطفي

الجمعة 08/ديسمبر/2023 - 02:43 م

نادية لطفي الفنانة  واحدة من أهم نجمات الشاشة العربية علي الإطلاق صاحبة أجمل و أروع الأدوار المتعددة علي شاشة السينما

ولكن لم تكن كل هذه الأدوار المتعددة لنادية لطفي فقط على الشاشة العربية بل تعدي دورها الفني علي شاشة السينما ليصبح دوراً كبيراً و بارزاً في الحياة كأحد رموز العطاء

فهي  إحدى الفدائيات اللاتي تطوعن أثناء العدوان الثلاثي على بورسعيد ١٩٥٦ وكان ذلك قبل دخولها عالم السينما وكانت تقيم في بورسعيد إقامة دائمة رغم الحرب و تهجير كثير من أهالي بورسعيد وهي لم تكن أكملت عامها العشرين و تعلمت التمريض فكانت ضمن أطقم التمريض أثناء وجودها هناك

وهي أيضاً  التي لعبت دوراً إنسانياً كبيراً  بعد هزيمة  ١٩٦٧ و إنتصار  أكتوبر ١٩٧٣  فكانت متواجدة في مستشفى المعادي العسكري شبه إقامة دائمة هي و  الفنانة الكبيرة تحية كاريوكا وكانت تقوم بالتبرع بالدم  وكتابة الخطابات بيدها لذوي الجرحي و المصابين بل و كانت تقوم بأعمال التمريض و أعمال النظافة إن لزم الأمر  وكانت تقوم بالتناوب مع الفنانة الكبيرة تحية كاريوكا في المستشفى  فكانت لا تتهاون عن أي دور تقدمه صغير أم كبير

إلي جانب سفرها علي نفقتها الخاصة مع السيدة أم كلثوم في رحلاتها الغنائية للخارج لجمع التبرعات لتسليح الجيش المصري بعد هزيمة ١٩٦٧ فكانت تقف معها في الكواليس و إستقبال الجمهور و إعداد كافة ما يلزم لإقامة الحفلات وكأنها واحدة ضمن أفراد فرقة أم كلثوم

وفي حرب أكتوبر ذهبت بنفسها  لأسر الشهداء و الجرحى وكانت تقدم لهم كل سبل الدعم و المساندة وتعد تقارير عن وجود أية حالات من أسر شهداء و جرحي الحرب تستدعي الإهتمام و الرعاية الخاصة و تقدم هذه التقارير للمسؤولين

أيضاً ذهبت إلى لبنان ١٩٨٢ أثناء حصار بيروت و وقفت مع القضية الفلسطينية و قالت في مذاكراتها عن هذا الموقف

أتصور أن هذا الاهتمام يعود لسببين أساسيين، الأول: كراهية الظلم والظالمين، هذه مسألة مبدأ عندي، فدائماً تجدني نصيرة لكل مظلوم، مهما كان جنسه أو لونه أو هويته، فما بالك بإخوة لنا تعرضوا لظلم فاق الحد والاحتمال.. أما السبب الثاني، فهو إدراكي أن فلسطين قضية مصرية في المقام الأول، وعندما ندافع عن الحق الفلسطيني ونحميه فإننا نحمي معه، وقبله، أمن مصر وحدودها الشرقية. منذ أيام الدولة الفرعونية اتضح لنا بالدليل القاطع أن أمن مصر يبدأ من فلسطين، وهي خط الدفاع الأول و اهتمامي بالقضية الفلسطينية في البداية جاء عن طريق السينما، وأفلامي التي كان الصراع في فلسطين محورها. 

وكانت البداية في عام 1962 عندما شاركت في بطولة فيلم صراع الجبابرة، وقمت فيه بدور راقصة يهودية من أصل مصري تسافر إلى فلسطين وتساعد الأسرى المصريين في المعتقلات الإسرائيلية على الهرب 
وقت «غزو لبنان» عام 1982، قالت: استيقظت على خبر الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وتجرؤ مجرم حرب مثل أرييل شارون، على أن يستبيح بقواته عاصمة عربية.

 وشعرت لحظتها بأن كرامتي الشخصية قد أهُينت، وسيطر عليّ غضب عارم، راح يزداد ويتضاعف مع متابعة الأخبار الواردة من لبنان، واستباحته بلا رحمة.. والحق أن حالة غضب واستنفار سيطرت على الفنانين والمثقفين في مصر، وتسابقوا إلى التبرع بالدم وإصدار بيانات الإدانة والشجب، ولكنني رأيت أنه رد فعل هزيل لا يتناسب مع فداحة الحدث، ووقتها دعا صديقنا العزيز سعدالدين وهبة، بصفته رئيساً لاتحاد النقابات الفنية إلى اجتماع طارئ، وجاءت حشود من المبدعين من التيارات كافة، اقترحت في هذا الاجتماع فكرة سفر مجموعة من رموز الفن والثقافة في مصر على متن مركب إلى بيروت لدعم المقاومة الفلسطينية، ووجدت الفكرة ترحيباً من البعض ومماطلة من آخرين أدخلونا في جدل عقيم انتهى ببيان باهت، وفي تلك اللحظة قررت السفر ولو بمفردي بعيداً عن خذلان المثقفين، وفكرت في اصطحاب مصور تلفزيوني ليوثق الحدث بكاميرته، واتصلت بمصور أعرفه اسمه عبدالوارث يعمل في التلفزيون المصري، ووافق فعلاً وتحمس للسفر معي

هذا وقد زراها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات و منحها الكوفيًة الفلسطينية الخاصة به ثم زراها فيما بعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس ابو مازن و أهداها درع التكريم قبل وفاتها بعام واحد 
هذا و تم نعيها بشكل رسمي من قبل الرئيس الفلسطيني 
ونعاها الفدائيين الفلسطنيين و معظم أبناء الشعب الفلسطيني

هذا و قد أطلق عليها الكاتب الصحفي الكبير الأستاذ يوسف إدريس 
أركان حرب نادية لطفي