السبت 04 مايو 2024 الموافق 25 شوال 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
عربى ودولى

تزايد نسب التطرف اليميني ومعاداة الديمقراطية في ألمانيا.. و7% يرغبون في حاكم ديكتاتوري

الجمعة 22/سبتمبر/2023 - 12:39 م
صورة من الحدث
صورة من الحدث

أجري فريق بحث من جامعة بيليفيلد بتكليف من مؤسسة فريدريش إيبرت (FES) الألمانية ، المقربة سياسيا من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني (SPD)، فإن واحدا من بين كل اثني عشر شخصا في ألمانيا لديه نظرة يمينية متطرفة للعالم.


وبحسب الدراسة التي بدأتها الجامعة منذ عام 2002، ويتكرر بحث معطياتها مرة كل عامين، فقد تمت مقابلة حوالي 2000 شخص تتراوح أعمارهم بين 18 و90 عاما في يناير وفبراير 2023 وذلك من أجل قياس التوجهات، وأظهرت النتائج وجود ثمانية في المئة من المستطلعة آراؤهم لديهم توجه يميني متطرف واضح. ومقارنة بأعوام ماضية فقد أظهرت الدراسة زيادة نسبة التوجه نحو اليمين المتطرف بالنسبة للألمان الذين تم سؤالهم، حيث كانت هذه القيمة بين اثنين وثلاثة بالمئة فقط.

 

حاليا، في جميع الفئات العمرية، تظهر النتائج أن خمسة إلى سبعة بالمئة من المستطلعة آراؤهم تؤيد أن يحكم ألمانيا ديكتاتور مع حزب واحد قوي وأن يعتبر الحاكم زعيما (كناية عن الاستبداد والتحكم المطلق بالأمور).

وبقياس ذلك على المدى المتوسط فإن هذه النسبة تعني تضاعف أعداد المؤيدين لها مقارنة بأرقام نتائج السنوات الماضية. وتوضح الباحثة فرانسيسكا شروتر، والتي ترأس مشروع مكافحة التطرف اليميني في مؤسسة فريدريش إيبرت، أن التعاطف المتزايد مع المواقف الاستبدادية باتت ضمن الأمور اللافتة في الدراسة بالتزامن مع الأزمات العديدة التي ظهرت.

 

وبحسب الباحثة، لم يتم التغلب على عواقب جائحة كورونا بعد، كما أن أزمة المناخ ما زالت قائمة. ومنذ فبراير/ شباط 2022، جلب الغزو الروسي لأوكرانيا المزيد من الشكوك والمخاوف بشأن أمن الطاقة أو زيادة الأسعار. ويمكن التعامل مع هذه الأزمات المتعددة ضمن الدراسة بشكل جماعي أوبشكل منفرد وبمعزل عن بعضها البعض.


وتم نشر الدراسة، التي تحمل عنوان "Die distanzierte Mitte" أو "الوسط المتحفظ" بقيادة عالم النفس الاجتماعي في بيليفيلد أندرياس تسيك. ويشير إلى أنه كلما قل المال الذي يكسبه المتضررون، زاد انتشار المواقف اليمينية المتطرفة.

 

"ينظر المزيد من الألمان إلى الأزمات على أنها أزمات قومية. وهذه الأزمات تصيب الأشخاص الذين لديهم رأس مال أقل بشكل أقوى. ومن بين المشاركين في الدراسة من ذوي الدخل المنخفض، يشعر واحد من كل شخصين (48 في المئة) بأنه متأثر شخصيا بالأزمات، وذلك مقارنة مع 27.5 في المئة من ذوي الدخل المتوسط و 14.5 في المئة فقط من أصحاب الدخل المرتفع ".

 

 

ومن الواضح أن هذا التوجه يترافق مع تراجع الثقة في مؤسسات الدولة وفي أداء الديمقراطية، على الرغم من أن أغلبية واضحة لا تزال تدعم هذا الشكل من أشكال الحكم. بيد أن هنالك 38 في المئة على الأقل لديهم مواقف تؤمن بالمؤامرة، و33 في المئة شعبويون و29 في المئة لديهم مواقف قومية استبدادية متمردة. مقارنة بالاستطلاع الذي أجري خلال جائحة كورونا في 2020/21 ، يمثل ​​زيادة بنحو الثلث في المتوسط. كما ازدادت الشكوك حول عمل وسائل الإعلام التقليدية أو تم رفض عملها بالكامل من قبل 32 في المئة من المستطلعة آراؤهم مقابل 24 في المئة قبل عامين.

 

هناك كثيرون مهتمون، يجهدون عقولهم حاليا للتوصل إلى طريقة لوقف هذا التطور والرجوع عنه، ومن بين هؤلاء العالم أندرياس تسيك، محرر الدراسة، الذي يقول: "نحن نعيش في زمن، النداءات فيه أو سياسة رعاية اجتماعية أفضل، قادرة جزئيا فقط على تهدئة النزاعات والسخط والاحتجاجات". ويضيف تسيك: "أوقات الأزمات هي الأوقات التي يتحرك فيها الناس سياسيا ويعيدون تموضعهم. وهذا التموضع يمكن أن ينتقل من المركز إلى اليمين". بيد أن المقلق بالنسبة لتسيك هو أنه "إذا قام الأشخاص في الوسط، الذين ربما لا يعتبرون أنفسهم متطرفين يمينيين أو ينظمون أنفسهم ضمن اليمين المتطرف، بتكييف المواقف عبر الهامش اليميني المتطرف في المجتمع، حينها فقط تصبح الديمقراطية في خطر".


ويصف أندرياس تسيك مدى صعوبة تقييم هذه الظاهرة بالإشارة إلى ما يسمى بدراسة الاستبداد التي أجرتها جامعة لايبزيغ. فوفقا للدراسة التي تعود لعام 2022، تراجعت المواقف اليمينية المتطرفة في السنة الثانية من جائحة كورونا ، لكن عدم الرضا عن الديمقراطية كان لا يزال مرتفعا .

 

يتذكر تسيك تطورا بدأ في ذلك الوقت: "من المعروف اليوم ما سعت إليه أعداد كبيرة من المتطرفين اليمينيين، إلى جانب الجماعات اليمينية المتطرفة الأخرى وقتها، حيث أرادت تلك الجهات خلق مواجهة عبر نشر أفكار عن المؤامرة، كما عملت تلك التنظيمات اليمينية على تنظيم عملها ودمجه سوية من أجل ضمان تأثير أكبر على مجموعات من المواطنين من أجل تبني مواقف أقرب إلى النازية والتطرف أو تشكيل خلايا إرهابية متطرفة.

 

وبناء على النتائج يرى الباحث تسيك أن هذه الدراسات جزء من ثقافة التحذير والتذكر في ألمانيا. مع إشارة صريحة إلى الديكتاتورية النازية التي سادت بها خلال الفترة بين 1933 إلى عام 1945. إذ أن الاشتراكية القومية نشأت في قلب المجتمع، وتم دعمها من قبل أفراد المجتمع، حتى لو تم الترويج بأن الدعاية والتحريض وإرهاب الدولة، تم فرضها من قبل النازية".

 

يشار إلى أن الدراسة تضمنت أيضا السؤال عن كيفية تعامل المجتمع مع الأزمات الراهنة. وكان الجواب أن 53 في المئة من الألمان يؤيدون العودة إلى القومية. إنهم يدعمون المزيد من الانغلاق عن العالم الخارجي للمجتمع ويعتبرون القيم والفضائل الألمانية والالتزام بالواجبات المفترضة ضرورية للتعامل مع الأزمات.