زوجة شهيد الشهامة بجرجا: السقف وقع بيه في النار.. ونفسي في شقة ومعاش (فيديو)
بملابس سوداء قاتمة ووجوه شاحبة وعيون حزينة حائرة، ارتوت من طعم الحنظل وشربت من المُر بحارًا، يقف أهالي منطقة الشيخ مرزوق بجرجا يتلقون عزاء شهيد الشجاعة والجدعنة "محمد الغريب"، الشاب الذي قدم روحه فداء لأهل منطقته؛ بعدما نشب حريق هائل بأحد المنازل وامتدت ألسنة اللهب لأعلى البيوت.
تتساقط الدموع من عيني زوجة الشهيد وهي تحمل نجلها "يوسف" ذو الثلاث سنوات، الطفل الذي ذاق طعم اليُتم ومرار الفقد بأول أيام حياته، نشأ على دنيا اليتيم فيها مكسور ومذلول، ترثي السيدة حالها وتضرب كفيها تصمت حينًا وتصرخ أحيانًا آخر، لا تدري إن كان سبب صراخها حزنها على زوجها الشاب وتيتم نجلها في عمر الزهور وخراب بيتها، أم لصعوبة المعيشة بعدما راح عائلها الوحيد ضحية الحريق ولم تجد مصدر دخل يكفل لها حياة أدني من شبه كريمة.
وقع السقف بيه في النار.. واتشوي خمس دقائق
وبعد نشوب الحريق بدقائق تصاعدت أصوات الصرخات ليذهب "محمد الغريب" مسرعًا محاولًا اخمادها، ولكن ما كان له إلا أن يلقي حتفه وسط النيران، تقول السيدة "مني.خ" زوجته "محمد كان بيأكل سمع الصراخ جري يشوف في ايه، وقف على حيطة في بيت بيحاول يطفي الحريق فالسقف انهار بيه ووقع في النار، قعد خمس دقايق لحد ما اتشوي وبعدها خرج راح المستشفى وروحت معاه، كان آخر مرة اشوفه ويبص ليوسف".
وتقول زوجته "محمد داق المُر من بعد امه وجدته ربته، هي امه وجدته بيقولها يا اما، النهاردة جه الدور على ابنه، النار اللي عاش فيها محمد الغريب هيعيش فيها يوسف محمد الغريب، محمد كان له اخوات بس ابنه معندهوش اخوات ولا حبايب وحيد في الدنيا ملهوش ضهر يسنده".
_عاوزة شقة ومعاش وتعليم مجاني
وفي وسط النحيب والبكاء انتاب زوجته حالة رعب من المستقبل، تفكر كيف يمكن لحياة نجلها أن تكون بخير ووالده "أرزقي" على باب الله لم يملك قوت يومه، وجده كهلًا مسن لا يساعده جسده على الوقوف والسعي لتربية طفل من جديد، وفي خيبة أمل وشعور بالفقر والحاجة قالت "أنا مش عاوزة حاجه ليا أنا عاوزة حياة لابني عاوزة شقة لأني في بيت اوضة واحدة، وعاوزة معاش أعرف أربيه بيه، وابوه كان نفسه يدخله مدرسة لغات يصرف حتي سبعة آلاف مش مهم، أنا نفسي حد يتكفل بيه ويدخله مدرسة لغات أو وزارة التربية والتعليم توفر له تعليم مجاني من الابتدائي للكلية".
