الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

حكايات من داخل المشرحة "يشيب لها شعر الرأس".. كبير الأطباء الشرعيين سابقاً: جثة تحدثت داخل الثلاجة قائلة"سبتلك الدنيا كلها.. سبنى فى حالى".. وعجوز عادت للحياة قبل تشريحها بدقائق.. وصوت القرآن منقذ لنا

الأربعاء 13/أكتوبر/2021 - 11:17 م
الدكتور مصطفى فودة
الدكتور مصطفى فودة

يعمل فى مهنة لا يحتمل كثير من البشر مجرد الحديث عنها، لكن عمله الذى كتب عليه أن يختصر حياته بين الأموات والمشرحة، يرى بعينه جثثاً مشوهة ومقطعة، احترف التعامل معها، ليكون صاحب الحق فى الدفاع عن أصحابها أمام العدالة.

الدكتور مصطفى أيمن،كبير هيئة الأطباء الشرعيين سابقاً، كشف لـ"مصر تايمز" ىتفاصيل هذا العالم المرعب وأغرب الحكايات والقصص التى واجهاها خلال فترة عمله فى تلك القطاع والتى قال عنها " رأيت أشياء لن أنساها إلا بخروج روحى".

وقال الدكتور مصطفى أيمن أن التشريح مهنة مخيفة وصعبة، ولا يستطيع تحملها الكثير من البشر،  فى البداية لا بد أن يعرف الجميع أن مناهج كلية الطب تضم مادة اسمها علم التشريح، وكل طلبة الطب درسوا هذه المادة، ونتعلم فيها خطوات التشريح وكيفية التعامل مع الجثة، ووجدتها ماده شيقة ولا تشعرنى بالملل، ووجدت نفسى أحصل على أعلى الدرجات، وأتفوق على الجميع فى هذه المادة، فكانت من هنا البداية.

وكشف تفاصيل أول جثة قام بتشريحها فى حياته العملية،  قائلا "كانت جثة فتاة من البدو، تم العثور عليها بعد 20 سنة من الوفاة، ووقتها كان ينتابنى الخوف من احتمال كونها مومياء فرعونية، وليست جثة إنسانة، لأنها كانت ملفوفة بأكثر من كفن، واتصلت بالمأمور وبعض كبار الأطباء الشرعيين، وانتهينا إلى أنها جثة فتاة من البدو قتلها أهلها ودفنوها".

وعن تعامله مع عالم الأموات الذي تقشعر له الأبدان ويشيب له الولدان.. أوضح أن التعامل معه دائمًا يكون بحظر تام، وكان الاحتكاك بهم وسماع همهماتهم وحديثهم في المشرحة كان يكون في المساء في الوردية الليلة ولكن عقب كثرة الشكاوي تم إلغائها، وأصبح آخر موعد للتواجد داخل المشرحة حتى الساعة الخامسة وإذا وجدت جثة يتم وضعها في الثلاجة ويكون التشريح في العمل الصباحي.

وبدأ يسرد موقفه مع صاحبة الكعب العالي التي استمرت ثلاثة ليالي تدق بنعل حذائها يوميًا منذ الواحدة صباحًا حتى قرآن الفجر قائلًا: مكان موته مكان دفناهم.. هذه المقولة تعبر عن أن الخوف من الأذى من الموتى يكون مكان الدفن ومكان القتل لكن الثلاجات والمشرحة مكان مؤقت يكون فيه همهمات وذبذبات معينة لكن ما آثاره الخوف في نفسه هو أحد الشيفتات المسائية أيام الثورة سمع صوت دقات كعب عالي تخطوا في طرقات المشرحة.

وأوضح أن المشرحة عبارة عن طرقة طويلة يتخللها غرف للعاملين يغيرون فيها ملابسهم ويغتسلون بها وغرف للثلاجات وغرف للتشريح، وكل ثواني صوت الكعب يقترب منه، وكان هو في ذلك الوقت يشعر بالنعاس فظن أنه نام ويحلم فقام وصب الماء على وجه وفاق ولكن الصوت استمر في الخطو والاقتراب من أذنه على الفور أيقظ صديقه وكانت المفاجأة أنه سمع الصوت أيضًا وأغلقوا باب غرفتهم على نفسهم وفتحو صوت القرآن الكريم ولم ينتهي الصوت إلا بعد دوى صوت قرآن الفجر من مسجد قريب، وتكررت هذه الواقعة يومان على التوالي.

وسرد واقعة أخري قائلا " فى إحدى المرات سمع صوت صرخات من داخل الثلاجات، وكان بها جثث لم يتم تشريحها وبانتظار الطبيب، وكانت لرجل منتحر وكلما اقتربوا من الثلاجة التي دفن بها سمعوا صوت شخص يخبط في الحديد الخاص بالثلاجة، وسمع صوت يقول سبتلك الدنيا كلها.. اروح فين تاني.. سبني في حالي بقى وبمجرد ما تم فتح الثلاجة وجد الجثة، مضيفًا أن جثث الأطفال هي أكثرها تأثيرًا عليه وتراوده في الأحلام بصور مختلفة"

وأوضح إنه كان من ألطف المواقف هو نقل سيدة عجوز للمشرحة اشتبه في وفاتها من عائلتها الذين أبلغوا عن الواقعة، ولكن الطبيب قبل أن يعطي تصريح الدفن شك في الوفاة، وحرر محضر وتم نقلها على المشرحة وقبل تشريحها وخلال وضعها على المنصة تبين إنها تتحرك وكان حينذاك وقف ما يقرب من ثلاثة أشخاص الجميع جري منذ حركة يدها، ودخلنا مرة أخرى إليها عندما سمعنا صراخها واستنجدتها وتبين إنها تبلغ من العمر 59 عامًا، وكانت مصابة بغيبوبة سكر، وتم إبلاغ عائلتها، وعقب إعطائها ملابسها وطمأنتها أغمي عليها من الصدمة، ولكن تم إفاقتها وعائلتها حضرت واستلمتها حية من المواقف التي لا تنسي حيث كان ذلك منذ 6 أعوام في بداية عملي بالمشرحة.